مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 1/30/2022 01:31:00 ص

 ما الذي ينتظرنا مع مصير الصندوق ؟! لنكمل القصة..

اليوم .. و بعد عشر سنوات على زواجنا .. نجلس أمام جدتي المريضة .. 

تناديني بصوتها المترنح .. تخبرني بمكان الصندوق .. ذات المكان .. ذات الرائحة .. ذات الدفء ..

لبيتُ طلبها الأخير .. أحضرته إليها .. جعلتني أفتحه .. 

و إذ بي أجد رسالتان قديمتان .. أكل الوقت منهما ما أكل ..


هممتُ بقراءة المكتوب ، بصوتٍ جهوري :

عزيزتي .. كيف حالك ؟!

و لا تسأليني عن حالي .. فحالي بدونك لا حال له ..

وقعتُ أسيراً تحت أرض قوات العدو ، همش السجن عظامي ، و أحرق روحي .. لأجل وطنٍ يحفر قبره .. لأجل وطنٍ فرّقنا عن بعضنا البعض  ..

لا مشكلة عندي صدقيني ، لكن ماذا أفادني هذا الوطن .. دونك .. دون نفسك .. رائحتك ..

كنت قضيتي .. كنت وطني .. كنت ملجأي ..

و لكنهم يا حبيبتي ، أحرقوا ظهري ، جعلوني أشرب من مياه صادقت أسماك الكهرباء ..

قطعوا لي أصبعي الأيمن ، بعد رفضي التام لقلع حابسنا .. أو في الواقع .. حريتنا ..


انعزلتُ مع زنزانةٍ فردية ، كانت باردة ، ظالمة .. و مظلمة ..

وحدك من كانت يصبّر روحي على البقاء ..

وحدك من كانت نور السلام الذي يدخل إلى هذا الشقاء ..

وحدك من .. كانت حربي السليمة .. الذي تجعلني أواظب على طلب .. الحياة ..


نظرتُ إلى جدتي ، بعد كل هذه السنوات ، و انقضاء قرنٍ من الأشواق .. إلا أنَّ الدمع غالبها .. حتّى غلبها ..


فتحتُ الرسالة الثانية ، و قلبي يرتعش من هول العشّاق ، أمسك زوجي بيدي ليخبرني أنه هنا .. و أنَّ كل شيء تحت السيطرة .. ثمَّ بدأتُ بالقراءة : 


انتهتْ الحرب .. و لازالت روحي تنتظرك .. 

أؤمن أنَّ الصدفة ستتفق خفيةً مع قدرنا .. و تعيد جمعنا في عالمنا المميز .. 

أتخيلك .. أتخيل آثار الحرب على جسدك .. أتخيل آثار العذاب على فراغك .. 

لكنني هنا .. سأنتظرك في مكاننا .. في موعدنا .. هنا أم هناك .. لا فرق ..

المهم أننا .. سنلتقي  .. 

سنحطمُّ قوانين المجرة كلها .. و نلتقي ... "

رددتْ جدتي الجملة الأخيرة معي .. ثمَّ ذهبت إلى العالم الآخر ، بابتسامة الرضى ، فرحةً .. بنشوة اللقاء .. 


و أعاد صدى صوتها ، جملتها قبل عشر سنوات ..

(( الحب .. بحاجة إلى .. رسالة .. ))


بقلمي: شهد بكر

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.